أفضليَّة الإمام عليٍّ (ع) على الصَّحابة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد

المسألة:

ما هي أدلتنا على تفضيل أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (ع) على الخلفاء الثلاثة بشكلٍ خاص والصحابة بشكل عام؟

الجواب:

سأوجز الجواب نظرًا لضيق الوقت، ولأنَّ الوقوف على جواب هذا السؤال ميسورٌ لكلِّ مَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ولو كان ثمَّة من إنصاف لكان الحديث عن أفضلية عليٍّ (ع) على سائر الصحابة أمرًا مستهجنًا، لأنَّ الأفضلية إنَّما يسوغ -عقلاً وذوقاً- البحث عنها عندما يكون التفاوت خفيًّا أو يسيرًا، أمَّا حينما يكون التَّفاوت بَيِّنًا فالحديث عن التَّفاضل يكون مستهجنًا كاستهجان البحث عن التَّفاضل بين الذَّهب والنُّحاس.

فحقُّ البحث ينبغي أن يكون حول أفضلية علي (ع) على أنبياء الله ورسله وملائكته المقربين إذا استثنينا نبيَّ الإسلام (ص) إلاَّ أنَّ الدُّنيا قد تنكَّرت وأدبرَ معروفُهَا فأصبح البَحث عن أفضلية عليٍّ (ع) على سائر الصحابة أمرًا غير محسوم النتائج!!

وكيف كان فما يُستَدَلُّ به على تَعَيُّن الخِلافة في عليٍّ (ع) بعد رسول الله (ص) يَصلُحُ دَليلاً على أفضلية عليٍّ (ع) على سائر الصَّحابة.

فآية التطهير مثلاً وآية الولاية وآية المباهلة وآية التبليغ وغيرها من الآيات النَّازلة في علي (ع) والمعبِّرة عن تعيُّن الخلافة والإمامة فيه دون غيره كافٍ لإثبات أفضليته، وهكذا حديث الدار وحديث الثقلين وحديث المنزلة وحديث الغدير وحديث الطائر المشوي وحديث السفينة وغيرها كثير من الروايات الواردة بأسانيد متواترة أو مستفيضة أو معتبرة كذلك يصلح دليلاً على أفضليته عليه السلام، هذا أولاً.

وثانيًا: تصريح الكثير من الرّوايات الواردة عن الرسول الكريم (ص) بتميُّز عليٍّ (ع) على سائر الصَّحابة والكثير من هذه الروايات وردت من طرق السُّنَّة بأسانيد معتبرة أو مستفيضة وبعضها متواتر، فمن هذه الروايات:

1- روى الطَّبراني بسندٍ معتبر عن ابن عباس عن رسول الله (ص): "أما ترضَين يا فاطمة أنَّ الله عزَّ وجلَّ اختار من أهل الأرض رَجُلَين أحدُهُمَا أبوكِ والآخرُ زَوجُكِ"(1).

2- الحديث المتسالم على صدوره عن رسول الله (ص): "أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب"(2)، وقال السّيوطي: "كنتُ أجيب دهرًا عن هذا الحديث بأنَّه حسن إلى وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس فاستخرتُ الله تعالى وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحيح"(3).

3- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن قيس بن أبي حازم قال: "كنت بالمدينة فبينما أنا أطوف في السُّوق إذ بلغتُ أحجار الزيت فرأيتُ قومًا مجتمعين على فارسٍ قد ركب دابَّة وهو يشتُمُ عليَّ بن أبي طالبٍ والنَّاس وقوفٌ حوالَيه، إذ أقبل سعد بن أبي وقاص فوقف عليهم فقال: ما هذا؟ فقالوا رجلٌ يشتم عليَّ بن أبي طالب، فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه، فقال: يا هذا علامَ تشتم عليَّ بن أبي طالب؟ ألم يكن أوَّل من أَسلم؟ ألم يكُن أوَّل من صلَّى مع رسول الله (ص)؟ ألم يكن أعلَمَ النَّاس؟ وذكر حتى قال: ألم يكن خَتنَ رسول الله (ص) على ابنته؟ ألم يكن صاحبَ راية رسول الله (ص) في غزواته؟ ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم إنَّ هذا يشتم وليًّا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تُريهم قُدرَتَك، قال قيس: فوالله ما تفرَّقنا حتى ساخت به دابَّتُهُ فرَمَتْهُ على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغُهُ فمات(4).

4- روى أحمد بن حنبل في مسنده عن معقل بن يسار قال: "وضأت النبي (ص) ذات يوم فقال: هل لك في فاطمة تعودها فقلت: نعم .. قال أو ما ترضَين أنِّي زوجتك أقدم النَّاس سلمًا وأكثرهم علمًا وأعظمهم حلمًا(5).

5- روى الترمذي في صحيحه بسنده أنَّ رسول الله (ص) قال: "أنا دار الحكمة وعليٌّ بابها" وذكره في كنز العمال وقال أخرجه أبو نعيم في حليته ثم قال: وقال ابن جرير: هذا خبر عندنا صحيح سنده(6).

6- روى أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن عبد الله -بن مسعود- قال: "كنتُ عند النَّبي (ص) فسئل عن عليِّ بن أبي طالب فقال (ص): قُسِّمت الحكمة عشرة أجزاء فأُعطي عليٌ تسعة أجزاء والناس جزءًا واحدًا"(7).

وذكره المتقي الهندي في كنز العمال وقال في آخره: "وعليٌ أعلم بالواحد منهم" ثم قال: أخرجه أبو نعيم في حليته والأزدي وأبو علي الحسين بن علي البردعي في معجمه وابن النجار وابن الجوزى عن ابن مسعود(8).

7- روى البخاري في صحيحه في كتاب التفسير في باب قوله تعالى: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا﴾(9)، روى بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حديثًا قال فيه: قال: عمر "وأقضانا علي"(10).

روى هذا الحديث الحاكم أيضًا في المستدرك على الصحيحين.

وفي صحيح ابن ماجه روى حديثًا بسندين عن أنس بن مالك قال فيه: أنَّه قال النبي (ص): "وأقضاهم علي بن أبي طالب"(11)، وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: كنَّا نتحدث أنَّ أقضى أهل المدينة عليُّ بن أبي طالب"، قال الحاكم النيسابوري هذا حديث صحيح على شرط الشيخين(12).

8- روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: "أخبرني رسول الله (ص) أنَّ أوَّل من يدخل الجنَّة أنا وفاطمة والحسن والحسين قلتُ: يا رسول الله فمُحِبُّونا؟ قال: مِن وَرَائِكُم"، قال: الحاكم صحيح الإسناد(13).

9- روى في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عبد الله بن أسعد بن زرارة عن أبيه قال: قال رسول الله (ص): "أوحي إليَّ في علي ثلاث، أنَّه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغرِّ المحجَّلين"(14).

10- قال جلال الدِّين السّيوطي في الدّر المنثور أنّ البخاري أخرج في تاريخه عن ابن عبَّاس قال: "قال رسول الله (ص): الصّديقون ثلاثة؛ حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النَّجَّار صاحب آل ياسين وعلي بن أبي طالب"(15)، وأخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والدّيلميّ عن أبي ليل قال: قال رسول الله (ص): "الصّديقون ثلاثة؛ حبيب النَّجَّار مؤمن آل ياسين الذي قال: يا قوم اتّبعوا المرسلين، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، وعليُّ بن أبي طالب وهو أفضلهم"(16).

وفي صحيح ابن ماجه بسنده عن عباد بن عبد الله قال: قال علي ابن أبي طالب (ع): "أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب، صليت قبل الناس بسبع سنين"(17)، ورواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين وقال في آخره: "قبل أن يعبد أحد من هذه الأمة"(18).

11- روى الحاكم في المُستدرك على الصَّحيحين بسنده عن جابر بن عبد الله يقول: "سمعت رسول الله (ص) وهو آخذ بضبع عليِّ بن أبي طالب وهو يقول: هذا أمير البررة قاتل الفجرة منصورٌ مَن نصرَهُ، مخذولٌ مَن خذلهُ، مدَّ بها صوته(19).

12- روى الحاكم في المُستدرك على الصَّحيحين بسنده عن سعيد بن جبير عن عائشة أنَّ النَّبيّ (ص) قال: "أنا سيّد وُلد آدم وعليّ سيّد العرب"(20).

13- روى الحاكم النيسابوري بسنده عن سفيان الثوري عن بهزين حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (ص) لمبارزة علي ابن أبي طالب لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة"(21).

14- روى الهيثميّ في مجمع الزوائد قال: وعن أنس قال: "لما كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول الله (ص) إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث"، يعني ابن عم النبي (ص) إلى أن قال: "وكان علي بن أبي طالب يومئذٍ أشدَّ النَّاس قتالاً بين يديه"، قال رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط(22).

15- روي الترمزي في صحيحه بسنده عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله (ص): "عليٌّ مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي"(23).

هذا قليل من كثير ممَّا ورد من طرق السّنّة، وهي روايات متعدّدة الإسناد، وليس من رواية من هذه الرّوايات إلا ولها طريق صحيح أو أكثر وبعضها مستفيض وبعضها متواتر، كلُّ ذلك بحسب الضَّوابط المعتمدة عند علماء الجرح والتَّعديل من أبناء السّنّة، واختيارها تمّ على أساس وضوح مضامينها في تميّز عليّ (ع) على سائر الصَّحابة نظرًا لكونها جميعًا في مقام المُفاضلة، وهذا ثانيًا.

وثالثًا: ثَمَّة الكثير من الرّوايات الواردة عن الرّسول الكريم (ص) من طرق السنّة تُعبِّر عن المقام السَّامي لعليّ (ع) وتقتضي امتيازه عمّن سواه ممّن عاصر رسول الله (ص) فإنّه لم يتّفق أن ورد في أحدهم مجموع ما ورد في عليّ (ع) وذلك ما يُنتِج امتياز عليٍّ (ع) عمّن سواه، فمن هذه الرّوايات:

1- ما رواه التّرمذيّ في صحيحه بسنده عن عمران بن حصين قال: ".. فأقبل رسول الله (ص) والغضب يُعرف في وجهه فقال: ما تريدون مِن عليّ؟ ما تريدون مِن عليّ؟ ما تريدون مِن عليّ؟ إنَّ عليًّا مِنِّي وأنا منه، وهو وليُّ كُلِّ مؤمنٍ بعدي"(24).

ورواه أيضًا أحمد بن حنبل في مسنده والنّسائيّ في خصائصه وذكره المحبُّ الطبري في الرّياض النّضرة وقال: خرَّجه التّرمذيّ وأبو حاتم وخرَّجه أحمد، وذكره المتّقي الهندي في كنز العمّال وقال: أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وصحّحه"(25).

2- ما رواه في مستددرك الصّحيحين بسنده عن ابن عبّاس قال: "نظر النَّبيّ (ص) إلى عليّ (ع) فقال: أنت سيّد في الدّنيا وسيّد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوّك عدوّي، وعدوِّي عدوّ الله، والويل لمن أبغضك بعدي"، قال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشَّيخين(26).

ورواه الخطيب البغداديّ بطرق خمسة وذكره المُحبّ الطَّبري في الرّياض النَّضرة وقال: خرَّجه أبو عمر وأبو الخير الحاكمي(27)، ورواه غيرهم أيضًا.

3- ما رواه التّرمذيّ في صحيحه مسندًا عن عليّ (ع) وفيه قال: "قال رسول (ص): رحم الله عليًّا اللهم أدر الحقّ معه حيثُ دار"(28).

وروى الحالكم في المستدرك على الصَّحيحين بسنده عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: "لمَّا سار عليّ (ع) إلى البصرة دخل على أمّ سلمة زوج النَّبيّ (ص) يودّعها فقالت: سر في حفظ الله وفي كنفه فوالله إنّك لعلى الحقّ والحقّ معك، ولولا أني أكره أن أعصي الله ورسوله فإنّه أمرنا (ص) أن نقرَّ في بيوتنا لسرتُ معك، ولكنّ والله لأرسلنّ معك مَن هو أفضل عندي وأعزُّ عليَّ من نفسي ابني"(29).

وروى الخطيب البغداديّ في تاريخه بسنده عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: "دخلت على أمّ سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليًّا (ع) وقالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، ولن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحَوض يوم القيامة"(30).

4- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن أبي سعيد التيمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: "قالت أم سلمة: ".. سمعت رسول الله (ص) يقول: عليٌّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وأبو سعيد التيمي وهو عقيصاء ثقة مأمون(31).

وروى ابن حجر في الصواعق المحرقة أن رسول الله (ص) قال في مرض موته: يوشك أن أُقبض قبضًا سريعًا فيُنطلق بي وقد قدَّمت إليكم القول معذرةً إليكم، ألا إنِّي مُخلِّفٌ فيكم كتاب ربِّي عزَّ وجلَّ وعترتي أهل بيتي"، ثُمَّ أخذ بيد عليٍّ (ع) فرفعها فقال: "هذا مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض فاسألوهما ما خلفت فيهما"، ورواه الهيثمي والطبراني في المعجم الصغير والاوسط والشبلنجي في نور الأبصار وغيرهم(32).

5- ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله إذا نزل عليه الوحي يكاد يغشى عليه فأُنزل عليه يومًا وهو في حجر عليّ (ع) فقال له رسول الله (ص) صليتَ العصر؟ قال: لا يا رسول الله، فدعا الله فردَّ عليه الشمس حتى صلى العصر قال: رواه كله الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح عن إبراهيم بن حسن وهو ثقة وثقة ابن حبان(33).

قال ابن حجر في الصواعق المحرقة ومن كراماته -علي بن أبي طالب- الباهرة أن الشمس رُدَّت عليه لمَّا كان رأس النبي (ص) في حجره والوحي ينزل عليه وعليّ لم يصلَّ العصر، فما سرى عنه (ص) إلا وقد غربت الشمس، فقال النبي (ص): "اللهم إنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس فطلعت بعد ما غربت" قال: "وحديث ردها صححه الطحاوي والقاضي في الشفاء وحَسَّنه شيخ الإسلام أبو زرعه وتبعه غيره"(34).

6- ما رواه في المستدرك على الصحيحين بسنده عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: لقد أعطي عليُّ بن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحب إليَّ أن أُعطى حمر النعم، قيل وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: "تزوجه فاطمة بنت رسول الله (ص)، وسكناه المسجد مع رسول الله (ص) يحلُّ له ما يحل له، والراية يوم خيبر"(35).

وروى في المستدرك أيضًا بسنده عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: سمعت سعد بن مالك .. أنَّ عليَّ بن أبي طالب أُعطي ثلاثًا لأنْ أكون أعطيت أحداهن أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول الله (ص) يوم غدير خم بعد حمد الله والثناء عليه هل تعلمون أنِّي أولى بالمؤمنين؟ قلنا: نعم قال: اللهم من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه والي من والاه وعادِ من عاداه، وجيئ به يوم خيبر وهو أرمد لا يبصر فقال: يا رسول الله إني أرمد فتفل في عينيه ودعا له فلم يرمد حتى قتل وفتح خيبر، وأخرج رسول الله (ص) عمه العباس وغيره من المسجد فقال له العباس: "تُخرجنا ونحن عصبتك وعمومك وتُسكن عليًا؟ فقال: "ما أنا أخرجتكم وأسكنته ولكن الله أخرجكم وأسكنه"(36).

7- ما رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرو بن شاس الاسلمي قال: قال رسول الله (ص): "من آذى عليًا فقد آذاني"(37).

8- ما رواه في المستدرك على الصحيحين بسنده عن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر قال: قال النبي (ص) لعليٍّ (ع): "من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني"(38).

9- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي (ص) قال لعلي (ع): "أنت تُبيِّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي"(39).

10- روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن ابن عباس قال: "لعليٍّ أربع خصال ليست لأحد هو أول عربي وأعجمي صلَّى مع رسول الله (ص)، وهو الذي كان لواؤه معه في كلِّ زحف والذي صبر معه يوم المهراس وهو الذي غسله وأدخله في قبره"(40).

11- ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن أبي سعيد الخدري عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله (ص): "النَّظر إلى وجه عليّ عبادة"(41).

12- ما رواه الترمذي في صحيحه بسنده عن جابر قال: دعا رسول الله (ص) عليًا (ع) يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه، فقال رسول الله (ص): "ما انتجيتُه ولكن الله انتجاه"(42).

ورواه الخطيب البغدادي وابن الأثير في أسد الغابة، ورواه المتقي الهندي في كنز العمال عن جندب بن ناجية لما كان يوم غزوة الطائف قام النبي (ص) مع علي (ع) مليًا ثم مَرَّ فقال له أبو بكر: يا رسول الله لقد طالت مناجاتك عليًا منذ اليوم فقال (ص): "ما أنا انتجيتُه ولكن الله انتجاه" قال: أخرجه الطبراني(43).

13- روى الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي (ع): "يا علي الناس من شجرٍ شتى وأنا وأنت من شجرةٍ واحدة ثم قرأ رسول الله (ص) ﴿وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ﴾(44)" قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد(45)، وذكره السيوطي في الدُرّ المنثور في ذيل الآية الشريفة وقال أخرجه ابن مردويه(46)، وروي في كنز العمال وكنوز الحقاتق وفي ذخائر العقبة قال وعن عبد العزيز بسنده إلى النبي (ص) قال: "إنَّا وأهل بيتي شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا فمن تمسك بنا اتخذ إلى ربه سبيلا"، قال: أخرجه أبو سعد في شرف النبوة(47).

14- روى المحبُّ الطَّبري في الرياض النضرة قال: وعن عمر بن الخطاب أنَّه قال: "أشهد على رسول الله (ص) لسمعته وهو يقول: "لو أن السماوات السبع وضعت في كفِّه ووضع إيمان عليٍّ في كفة لرجح إيمان عليّ"، قال أخرجه ابن السمان والحافظ السلفي في المشيخة البغدادية والفضائلي(48).

وفي كنز العمال للمتقي الهندي قال: "لو السماوات والأرض موضوعتان في كفة وإيمان عليِّ في كفة لرجح ايمان علي"(49).

15- روى الترمذي في صحيحه بسنده عن ابن عمر قال: آخى رسول الله (ص) بين أصحابه، فجاء علي (ع) تدمع عيناه فقال: "يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد فقال له رسول الله (ص): "أنت أخي في الدنيا والآخرة" ورواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين وابن جرير الطبري والنسائي في الخصائص وغيرهم(50).

وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده عن ابن عمر قال: إنَّ رسول الله (ص) آخى بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، فقال علي (ع): "يا رسول الله إنَّك قد آخيت بين أصحابك، فمن أخي؟"، فقال رسول الله (ص): "أما ترضى يا علي أن أكونَ أخاك"، قال ابن عمر: وكان علي جلدًا شجاعًا فقال علي (ع): "بلى يا رسول الله"، فقال رسول الله (ص): "أنت أخي في الدنيا والآخرة"(51).

16- ما رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد بن أبي وقاص: "ما يمنعك أن تسبَّ ابن أبي طالب؟"، قال: فقال: لا أسبُّ ما ذكرتُ ثلاثًا قالهن له رسول الله (ص) لئن تكون لي واحدة أحبُّ إليَّ من حمر النعم، قال له معاوية ما هُنَّ يا أبا إسحاق؟ قال: لا أسبُّهُ ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ عليًا وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: رب هؤلاء أهل بيتي، ولا أسُبُّهُ ما ذكرتُ حين خلَّفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله (ص) فقال له علي (ع) خلَّفتني مع الصبيان والنساء، قال (ص): ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنَّه لا نبوة بعدي، ولا أسبُّهُ ما ذكرتُ يوم خيبر، قال رسول الله (ص) لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويفتح الله على يديه، فتطاولنا لرسول الله (ص)، فقال أين علي؟ قالوا هو أرمد فقال: "ادعوه، فدعوه فبصق في عينه ففتح الله عليه" قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين(52).

17- ما رواه الترمذي في صحيحه بسنده عن صبح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم أنَّ رسول الله (ص) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) "أنا حربٌ لمن حاربتم وسلمٌ لمن سالمتم"(53).

ورواه ابن ماجه في صحيحه وقال: "أنا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم" ورواه الحاكم في المستدرك وقال: "حديث حسن، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة وغيرهم(54).

هذا قليل مما وقفنا عليه من الروايات الواردة في فضائل علي (ع) من طرق السنة ولولا خشية الإطالة لأفضنا في نقل الكثير مما ورد من طرقهم ولقد أجاد أحمد ابن حنبل حين أفاد أنَّه: ما جاء لأحدٍ من أصحاب الرسول (ص) من الفضائل ما جاء لعليِّ بن أبي طالب"(55).

وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: "وقال أحمد بن حنبل وإسماعيل بن إسحاق القاضي: "لم يُرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما رُوي في فضائل عليِّ بن أبي طالب" وكذلك أحمد بن شعيب بن علي النسائي"(56).

وفي كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني أنَّه أخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: "ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي (ع)"، قال: واخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: "نزل في عليٍّ ثلاثمائة آية"(57).

فإذا أضفنا إلى ذلك ما أُثر عن علي (ع) بعد رحيل رسول الله (ص) من علمٍ وحكمة وزهدٍ وعبادة وإيثار وشجاعة وسجايا الخير كلِّها حيث لم يتفق اجتماعها في أكمل مراتبها لرجلٍ غيره فإذا أضفنا كلَّ ذلك إلى ما وثَّقناه نكون قد استوفينا الجواب.

وأرى أن اجعل ختامه ما رواه الحاكم النيسابورى بسندٍ معتبر أن الإمام الحسن المجتبى سبط رسول الله (ص) خطب الناس حين استُشهد علي بن أبي طالب فقال بعد الحمد والثناء على الله: "لقد قُبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون وقد كان رسول الله (ص) يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه .."(58).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمَّد صنقور

8 شعبان 1428 هـ


1- المعجم الكبير -الطبراني- ج 11 / ص77، روى هذا الحديث أيضًا أو قريبًا من ألفاظه أبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة وعبد الله بن عامر وأسماء بنت عيسى.

2- قال الحاكم النيسابوري هذا حديث صحيح 3 / ص126.

3- كنز العمال -المتقي الهندي- ج13 ص149.

4- قال الحاكم هذا حديث صحيح على شَرط الشَّيخين -البخاري ومسلم- ج3 / ص499.

5- مسند احمد -الإمام احمد بن حنبل- ج 5 / ص26، وذكر الهيثمي في مجمع الزَّوائد وقال رواه أحمد والطبراني برجال وثَّقوا ج9 / ص101 و114.

6- سنن الترمذي -الترمذي- ج5 ص301، كنز العمال -المتقي الهندي- ج13 / ص147.

7- حلية الأولياء -أبو نعيم- ج1 / ص64، مسند احمد -الإمام احمد بن حنبل- ج 5 / ص26، وذكر الهيثمي في مجمع الزَّوائد وقال رواه أحمد والطبراني برجال وثَّقوا ج9 / ص101 و114.

8- كنز العمال -المتقي الهندي- ج13 / ص146-147.

9- سورة البقرة / 106.

10- صحيح البخاري -البخاري- ج5 / ص149.

11- سنن ابن ماجة -محمد بن يزيد القزويني- ج1 / ص55.

12- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص135.

13- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص151.

14- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص137 قال هذا حديث صحيح الإسناد.

15- الدر المنثور -جلال الدين السيوطي- ج5 / ص262.

16- تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 / ص43.

17- سنن ابن ماجة -محمد بن يزيد القزويني- ج1 / ص44.

18- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص111.

19- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص129 قال هذا حديث صحيح الإسناد.

20- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص124 قال هذا حديث صحيح الإسناد.

21- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص32، ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج13 / ص19، وذكره الفخر الرازي في التفسير الكبير في ذيل تفسير سورة القدر.

22- مجمع الزوائد -الهيثمي- ج6 / ص180.

23- سنن الترمذي -الترمذي- ج5 / ص300، مسند احمد -الإمام احمد بن حنبل- ج4 / ص165.

24- سنن الترمذي -الترمذي- ج5 / ص296.

25- السنن الكبرى -النسائي- ج5 / ص133، كنز العمال -المتقي الهندي- ج13 / ص142، خصائص أمير المؤمنين (ع) -النسائي- ص98.

26- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص128.

27- تاريخ بغداد -الخطيب البغدادي- ج4 / ص261، الرياض النضرة -المحب الطبري- ج2 / ص177.

28- سنن الترمذي -الترمذي- ج5 / ص297، ورواه الحاكم وقال هذا حديث صحيحٌ على شرط مُسلم، ج3 / ص124.

29- وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشَّيخين، ج3 / ص119.

30- تاريخ بغداد -الخطيب البغدادي- ج14 / ص322.

31- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص124.

32- الصواعق المحرقة -ابن حجر- ().

33- مجمع الزوائد -الهيثمي- ج8 / ص297.

34- الصواعق المحرقة -ابن حجر- ().

35- قال هذا حديث صحيح الإسناد ج3 / ص125.

36- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص116-117.

37- قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ج3 / ص122، وذكره ابن حجر في الإصابة وقال أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه وابن حبان في صحيحه وابن مندة ج4 قسم1 / ص304.

38- قال الحاكم صحيح الإسناد ج3 / ص123، وذكره الذهبيّ في ميزان الاعتدال وصححه ج1 / ص323 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه البزاز ورجاله ثقات.

39- قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ج3 / ص122، وذكره المناوي في كنوز الحقائق ص188 والمتقي الهندي في كنز العمال، وقال أخرجه الديلمي ج6 / ص156.

40- ويوم المهراس هو يوم أحد حيث فرَّ أكثر الصحابة، روى هذا الحديث ابن عبد البر في الاستيعاب ج2 / ص457.

41- قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ج3 / ص141، ورواه أيضًا بسندين عن ابن مسعود ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج9 / ص119، وقال رواه الطبراني.

42- سنن الترمذي -الترمذي- ج5 / ص303.

43- كنز العمال -المتقي الهندي- ج13 / ص139.

44- سورة الرعد / 4.

45- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج2 / ص241.

46- الدر المنثور -جلال الدين السيوطي- ج4 / ص44.

47- ذخائر العقبى -احمد بن عبد الله الطبري- ص16.

48- الرياض النضرة -المحب الطبري- ج2 / ص226.

49- كنز العمال -المتقي الهندي- ج11 / ص617.

50- سنن الترمذي -الترمذي- ج5 / ص300، المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص14.

51- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص14، وذكره الطبري في الرياض النضرة وقال: أخرجه القلعي ج2 / ص167.

52- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص108-109، ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل في باب من فضائل علي بن أبي طالب ورواه الترمذي في صحيحه ج2 / ص300، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج1 / ص185 وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير آية المباهلة وقال: أخرجه ابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص.

53- سنن الترمذي -الترمذي- ج5 / ص360، المعجم الكبير -الطبراني- ج3 / ص40.

54- سنن ابن ماجة -محمد بن يزيد القزويني- ج1 / ص52، المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص149.

55- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص107.

56- الاستيعاب -ابن عبد البر- ج3 / ص1115، وذكر ذلك ابن حجر في الصواعق المحرقة ص72، والعسقلاني في كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج8 / ص71، والشبلنجي في نور الأبصار.

57- وذكر ذلك الشبلنجي في نور الأبصار ص73، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج6 / ص221.

58- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص172، وروى هذا الحديث أحمد بن حنبل بسنده عن هبيره ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى وقال أخرجه أحمد وخرَّجه أبو حاتم، ورواه ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في حلية الأولياء والنسائي في الخصائص والمتقي الهندي في كنز العمال وغيرهم.