مصافحةُ المرأة الأجنبيَّة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

السؤال:

ما هو حكم مصافحة المرأة الأجنبيَّة؟

الجواب:

لم يختلف الفقهاء في حرمة المصافحة للمرأة الأجنبيَّة، والمراد من الأجنبية هي المرأة التي يجوز نكاحها إذا لم تكن زوجة له فعلاً، كما أنَّ المراد من الأجنبي هو من يجوز النكاح منه إذا لم يكن زوجاً للمرأة فعلاً.

وبذلك يتَّضح أنَّه لا بأس بمصافحة المحارم إذا لم يترتَّب على ذلك شهوة أو مفسدة، ويمكن أن يُستدلَّ على حرمة المصافحة للأجنبية بالإضافة إلى ما دلَّ على حرمة مطلق اللَّمس للمرأة الأجنبية بمجموعة من الروايات:

منها: معتبرة سماعة بن مهران قال: سألتُ أبا عبد الله (ع) عن مصافحة الرجل المرأة؟ قال (ع): "لا يحلُ للرجل أن يصافح المرأة إلا إمرأة يحرم عليه أنْ يتزوجها أخت، أو بنت أو عمة أو خالة، أو بنت أخت أو نحوها، وأما المرأة التي يحلُ له أن يتزوجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب، ولا يغمز كفَّها"(1).

ومنها: معتبرة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم؟ فقال (ع): "لا، إلا من وراء الثياب"(2).

والروايتان كما تُلاحظون واضحتا الدلالة على الحرمة فيما لو كانت المصافحة بنحو المباشرة، وثمة روايات أخرى يمكن أن تؤيَّد بهما الروايتان:

منها: ما رواه الشيخ الصدوق باسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد (ع) عن آبائه (ع) عن النبيِّ الكريم -في حديث المناهي- قال: ".. ومن صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بسخطٍ من الله عزَّ وجلَّ، ومن التزم امرأةً حراماً قُرن في سلسلةٍ من نار مع شيطانٍ فيُقذفان في النار"(3).

ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق أيضاً بسندٍ يتَّصل إلى ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) : "ومَن صافح امرأة حراماً جاء يوم القيامة مغلولاً ثم يُؤمر به إلى النار، ومن فاكَه امرأةً لا يملكها حبسه الله بكل كلمة كلمها في الدنيا ألف عام"(4).

فلا ريب في حرمة المصافحة للمرأة الأجنبية بنحو المباشرة، وأمَّا لو كانت من وراء الثوب فذلك جائزٌ كما أفادت معتبرتا سماعة وأبي بصير بشرط أنْ لا يكون ثمة غمزٌ كما هو مقتضى معتبرة سماعة، والمراد من الغمز هو الشدُّ على الكفِّ وعصرها عصراً خفيفاً. على أنَّ جواز المصافحة من وراء الثوب دون غمز إنَّما يجوز في فرض الأمن للطرفين من الوقوع في المفسدة أو الشهوة أوالريبة، وأمَّا مع ترتُّب واحدٍ من هذه المحاذير فإنَّ المصافحة تكون محرَّمة حتى مِن وراء الثوب ودون غمز. وذلك لما دلَّ على حرمة مطلق الاستمتاعات بغير الزوجة والزوج.

وأستثمرُ هذه الفرصة لأذكّر الأخوة والأخوات بقول الإمام عليٍّ (ع): "لا تستوحشوا طريق الهدى لقلَّةِ أهله"(5). فلو أنَّ الدنيا تظافرت على تحسين فعل قبَّحه الشارع ونهى عنه فإنَّ على المؤمن أن لا يستوحش من ذلك وأن يأنس بطريق الحق وإنْ قلَّ روَّاده، وليتذكَّر دائماً ما رُوي عن النبيِّ الكريم (ص): "يأتي على الناس زمانٌ الصابرُ منهم على دينه كالقابض على الجمر"(6).

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور

17 / شعبان / 1425هـ


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص208.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج5 / ص526.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص196.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص198.

5- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج2 / ص181.

6- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج28 / ص47.