الزواج العرفي وزواج المسيار

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما معنى الزواج العرفي وزواج المسيار؟ وهل هما صحيحان شرعاً؟

الجواب:

الزواج العرفي:

مصطلح يُطلق على الزواج الدائم غير الموثّق رسميًا، ولكنَّه زواج واجدٌ لجميع الشرائط المعتبرة في الصحة كأهليَّة الطرفين، وإذن الولي لو كانت البنت بكراً، والإيجاب والقبول اللفظيين المعتبرين شرعاً، فمثل هذا الزواج يكون مشروعاً وصحيحاً وإنْ كان فاقداً للتوثيق الرسمي، ويترتَّب عليه كلُّ ما يترتب على الزواج الشرعي من حقوق وتوارث، إذ ليس من شرائط صحة الزواج شرعاً أنْ يكون موثَّقاً رسمياً، فالتوثيق الرسمي إنَّما وضعته قوانين الدول تحرُّزاً واحتياطاً لحالات الشقاق والنزاع والتي قد يترتَّب عليها الإنكار للزوجيَّة من أحد الطرفين أو من الورثة أو غير ذلك من المحاذير، ولا ريب أنَّ التوثيق أمرٌ راجح، وقد حثَّت عليه الشريعة في مختلف العقود حتى الحقيرة فضلاً عن الخطير منها إلا انَّه لا يتعيَّن في التوثيق أن يكون بالكيفية والأوراق المعتمدة لدى الدول، فقد يتحقَّق التوثيق وتنتفي معه المحاذير المذكورة ولا يكون في ذات الوقت رسمياً، فلا مبرِّر للحكم بفساد عقد النكاح لمجرد عدم توثيقه رسمياً، على أنَّ المحاذير المترتِّبة من عدم التوثيق رسميأً ليست بأقلَّ من المحاذير المترتبة على اشتراط التوثيق الرسمي والذى يتَّسم في كثيرٍ من الدول بالتعقيد المُفضي للاِنصراف عن أصل الزواج واللجوء إلى العلائق المشبوهة.

وقد يُطلق الزواج العرفي على الزواج المعاطاتي وهو الذي يكون عبارة عن التوافق بين الطرفين على الزواج ولكن دون إيجابٍ وقبول أي دون الإتيان بصيغة العقد المعتبرة شرعًا والإكتفاء بمجرد الرضى الباطني والأفعال الكاشفة عن التراضي والتباني على القبول بالزوجيَّة، وهذا النوع من الزواج باطلٌ وغير مشروع بإجماع المسلمين، ويدلُّ عليه مضافاً إلى ذلك النصوص الواردة عن أهل البيت (ع) والظاهرة في اعتبار الإيجاب والقبول اللفظيين وأنَّه لا يصحُّ عقد النكاح دونهما، وهو معنى الميثاق الغليظ الذي وصف به القرآن الكريم عقد النكاح كما أفاد ذلك أبو جعفر الباقر (ع) في صحيحة بريد العجلي قال: سألتُ ابا جعفر (ع) عن قول الله عز وجل: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾(1) فقال: الميثاق هو الكلمة التي عقد بها النكاح .."(2).

فالزواج العرفي المعاطاتي باطلٌ وإن كان موثقاً، إذ لا بدّ في عقد النكاح من الإيجاب والقبول اللفظيين، ولا يكفي مجرَّد التوافق في تحقُّق العقد الشرعي.

زواج المسيار:

وأمَّا زواج المسيار فهو زواج دائم يُعتبر فيه ما يُعتبر في الزواج الدائم من شرائط، غايته أن الزوجين يتفقان على أن تتنازل الزوجة عن حقِّها في النفقة والسكن والمبيت، ويبقى حقها في الميراث لا يصح إسقاطه، وبناءً على ما ذكرناه يكون زواج المسيار مشروعًا إذا التزام الطرفان بشرائط صحة العقد من إيجاب وقبول وأهلية الطرفين وإذن الولي لو كانت البنت بكرًا.

فإذا وقع العقد بالنحو الذي ذكرناه وجب على الزوج تسديد المهر والمعاشرة بالمعروف، ووجب على الزوجة التمكين والعدة إذا وقع الطلاق أو الوفاة.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- سورة النساء / 21.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص262.