قاعدة (لا شك لكثير الشك)
المسألة:
(لا شك لكثير الشك) ما معنى القاعدة المذكورة وما الدليل عليها؟
الجواب:
مفادة القاعدة هو الحكم بالبناء على الصحة أي عدم الإعتناء بالشك واعتبار تحقق المشكوك فلو شك أنه سجد أو لم يسجد فإن وظيفته البناء على وقوع السجدة، ولو شك أنه قرأ أو لم يقرأ فإن وظيفته البناء على تحقق القراءة وهكذا لو شك بأنه كان مطمئناً أثناء القراءة أو لم يكن مطمئناً فإن وظيفته البناء على وقوع الاطمئنان.
نعم لو كان البناء على وقوع المشكوك موجباً لفساد الصلاة فإن وظيفته البناء على عدمه فلو شك أنه جاء بركوعين أو ركوع واحد في ركعة واحدة فإن وظيفته البناء على عدم الركوع الثاني لأن البناء على وجود الركوع الثاني موجب لفساد الصلاة فكل مورد يكون فيه البناء على الأكثر موجباً للفساد ويكون فيه البناء على الأقل مصححتً للصلاة تكون فيه الوظيفة هو البناء على الأقل.
وهكذا لو كان البناء على الأكثر موجباً لكلفة زائدة كسجدتي السهو فإن الوظيفة تكون هي البناء على الأقل، فلو وقع الشك بين الأربع والخمس بعد الدخول في الركوع فإن الوظيفة هي البناء على الأربع وإتمام الصلاة وذلك لأنَّ الإعتناء بالشك في هذا الفرض يقتضي الإتيان بسجدتي السهو وهي كلفة زائدة، فلأنه كثير الشك فإن هذه الكلفة منفية عنه.
وبما ذكرناه يتبين أن المراد من القاعدة هو الحكم بوجود المشكوك لو كان عدمه موجباً للفساد أو الكلفة الزائدة والحكم بعدم المشكوك.
لو كان وجوده موجباً للفساد أو الكلفة الزائدة والحكم بالبناء على الأكثر لوكان الإعتناء بالشك موجباً عند غير كثير الشك للفساد كما لو وقع الشك بين الأولى والثانية فإن الحكم في هذا الفرض لغير كثير الشك هو الفساد وأما كثير الشك فوظيفته البناء على وقوع الثانية.
هذا ويتحدد عنوان كثير الشك بواسطة الصدق العرفي وأدنى ما يتحقق به هذا العنوان هو وقوع الشك مرة واحدة في كل ثلاث صلوات متواليات.
وأما مدرك هذه القاعدة فالروايات الواردة عن أهل البيت (ع) منها:
أ- معتبرة محمد بن مسلم عن أبي جعفر(ع) قال: "إذا كثُر عليك السهو -الشك- ما مضي على صلاتك فإنه يوشك أن يدعك إنما هو الشيطان".
ب- موثقة عمار عن أبي عبدالله (ع) في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أرَكَعَ أم لا ويشك في السجود فلا يدري أسَجَدَ أم لا؟ فقال (ع): "لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتى يستيقن".
ج- ما رواه محمد بن أبي حمزة عن الصادق (ع) قال: إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثُر عليه السهو.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور