المعاشرة بتخيُّل امرأة أخرى


المسألة:

روي كراهة جماع الرجل إمرأته بشهوة غيرها، فهل هذا الحكم خاص بالرجل، أو أنه يكره لها أيضا أن تجامع بشهوة غيره؟

 

ولو أن رجلا أو إمرأة نظرا إلى ما يثير الشهوة ثم حصل الجماع ولكنهما عند الجماع لم يشتهيا إلا بعضهما أي لم يفكر أحدهما في غير صاحبه، فهل ينطبق على هذا أيضا الجماع بشهوة الغير؟


الجواب:

الوراد هو النهي عن معاشرة الزوجة بشهوة امرأةٍ رجل آخر، "لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك" ومعنى ذلك هو النهي عن تخيُّل امرأةٍ أجنبية متزوجة أثناء المعاشرة للزوجة، ولا يبعد أنَّ النهي شامل لتخيُّل مطلق المرأة المعيَّنة وإن لم تكن متزوجة، وذلك لاستقراب أن منشأ النهي هو أنَّ لاسترسال مع مثل هذا التخيُّل قد يُفضي إلى كراهة الزوجة أو يبدو منه ما يُوجب إهانتها أو أن المنشأ هو أن الاسترسال مع مثل هذا التخيُّل هو من حبائل الشيطان الذي قد يُفضي إلى الوقوع في المعصية، فلو كان أحد الاحتمالين هو منشأ النهي فحينئذٍ لا فرق بين كون المرأة المتخيَّلة متزوجة أو غير متزوجة.

 

ولو كان أحد الاحتمالين أو كلاهما هو منشأ النهي لكان من المحتمل قريباً شمول النهي للمرأة وأنه يُكره لها أن تُعاشر زوجها بشهوة رجل آخر.

 

نعم لو كان منشأ النهي هو ما ورد في الرواية من أنَّ معاشرة الزوجة بشهوة امرأة رجلٍ آخر يُوجب الخشية على الولد المتخلِّق من تلك المعاشرة، حيث أفادت الرواية أنه قد ينتج عن هذه المعاشرة ولد مخبول فلو كان ذلك هو منشأ النهي فحينئذٍ لا يمكن التعدِّي من المورد المفروض في الرواية.

 

إلا أنه يكمن القول بأن هذه النتيجة وهي الخشية على الولد ليست هي ملاك النهي وإنما هي أثر الفعل المنهي عنه، بمعنى أن الرواية نهت عن هذه الفعل لملاكٍ اقتضى النهي ثم تصدَّت لبيان ما قد يترتب على هذا الفعل من أثرٍ سيء، فيكون مساقها مساق القول "لا تشرب الخمر وإلا كنتَ مستحقاً للنار" فالاستحقاق للنار ليس هو ملاك النهي عن شرب الخمر وإنما هو أثر مترتِّب على فعل المنهي عنه.

 

وأما الفرض الأخير فهو أجنبي عن مفاد الرواية، فلو كان المنظور إليه لغرض الاستشارة مما يحرم النظر إليه فالنظر حينئذٍ يكون محرماً وأما المعاشرة المتعقِّبة لذلك فلا تكون مورداً للنهي إذا فُرض إمكان قطع التخيُّل عما تمَّ النظر إليه.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور