الزَّواج من الكتابيَّة
المسألة:
ما هو الدليل على جواز الزواج من المرأة الكتابية؟
الجواب:
جواز نكاح الكتابية ليس موردًا للوفاق بين الفقهاء والمشهور بين المتأخرين هو جواز التمتع بالكتابية وعدم جواز نكاحها دوامًا.
وكيف كان فقد تمسَّك القائلون بجواز نكاح الكتابية مطلقًا دوامًا ومتعة بقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾(1)، إلى قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾(2). وهذه الآية من سورة المائدة وقد ورد في الصحيح أن سورة المائدة آخر سورة نزلت فهي غير منسوخة.
وعليه يكون قوله تعالى: ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾(3)، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ﴾(4)، غير صالحين لنسخ الآية الواردة في سورة المائدة، على أنه يمكن القول بعدم التنافي المستحكِم بين الآية الواردة في سورة المائدة والآيتين المذكورتين، وذلك لأن العلاقة بينهما علاقة الإطلاق والتقييد فيُحمل المطلق على المقيَّد وتكون النتيجة هو عدم جواز نكاح الكوافر والمشركات إلا أن يكنَّ من أهل الكتاب.
هذا وقد دلَّت روايات عديدة -وفيها ما هو معتبر- على جواز نكاح الكتابية مطلقًا:
منها: ما ورد في معتبرة محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال: "سألته عن نكاح اليهوديَّة والنَّصرانيَّة فقال (ع): "لا بأس، أما علمت أنه كانت تحت طلحة بن عبد الله يهودية على عهد النبي (ص)".
ومنها: ما ورد في معتبرة معاوية بن وهب وغيره جميعًا عن أبي عبد الله (ع) في الرّجل يتزوج اليهودية والنصرانية فقال (ع): "إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديَّة والنَّصرانيَّة! فقلت له: يكون له فيها الهوى قال (ع): إنْ فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أن عليه في دينه غضاضة".
إلا أنَّه في مقابل هذه الروايات ثمة روايات تدلُّ على المَنع مطلقًا أو والمنع من الزَّواج الدائم، ولعلنا نبحث ذلك فيما بعد.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- سورة المائدة / 5.
2- سورة المائدة / 5.
3- سورة الممتحنة / 10.
4- سورة البقرة / 221.