سند رواية وصايا آداب الجماع


المسألة:

هناك رواية مشهورة تفيد وصايا الرسول (ص) للإمام علي بخصوص الأوقات المناسبة وغير المناسبة للجماع، واستفساري بالنسبة للأوقات غير المناسبة، هل هي غير مناسبة للجماع بتاتًا، أم أنها غير صالحة لانعقاد النطفة؟ أي يتحقق الجماع مع مرعاة عدم وصول ماء الرجل لرحم المرأة لتجنب الحمل خلال تلك الفترة؟

والسؤال الثاني بالنسبة للشق الذي فيه: "يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره .." هل الليالي المحددة هي ليلة الحادي والليلة الخامسة عشر والتاسعة والعشرون من كل شهر، أم ثلاث ليالي من بداية ووسط ونهاية كل شهر؟

وأخيرًا، ما مدى صحّة هذه الرواية؟

الجواب:

1- المرجوحيَّة ثابتة مُطلقًا حتَّى مع العلم بعدم ترتّب تخلّق الولد على الجماع، والمناشئ المذكورة في الرّوايات ليست عللاً مقتضية لتقييد المرجوحية وإنّما هي من قبيل الحكمة من المرجوحية وهي ممّا لا يترتّب عليها تعميم الحكم أو تقييده.

2- المراد من أول الشهر هو الليلة الأولى من الشَّهر والمراد من وسط الشّهر هو ليلة منتصف الشّهر وهكذا هو المراد من آخر الشّهر، إلا أنّه ورد أنّه يُكره الجماع في محاق الشّهر وهو يبدأ عادة في ليلة الثّامن والعشرين من كلّ شهر حيث يدخل القمر في المحاق أي تحت شعاع الشّمس فلا تكون رؤيته ممكنة.

3- الرّواية الطّويلة المشار إليها أرسلها الشّيخ الصّدوق في كتابه مَن لا يحضره الفّقيه عن أبي سعيد الخدري عن الرّسول (ص) فهي ضعيفة بالإرسال ورواها الشّيخ الصّدوق أيضًا في علل الشّرايع بسندٍ ضعيف وكذلك رواها الشّيخ المفيد في الاختصاص بسندٍ ضعيف.

هذا وقد أفاد الشّهيد الثّاني في المسالك أنّ رواية الوصايا تفوح منها رائحة الوضع، وقد صرّح بذلك بعض النّقّاد، وأفاد الفيض الكاشاني في كتاب الوافي تعليقًا على رواية الوصايا "أنّه لا يخفى ما في هذه الوصايا وبعُد مناسبتها لجلالة قدر المخاطَب بها، ولذلك قال بعض فقهائنا أنّها ممّا يُشم منها رائحة الوضع"، وعلّق صاحب الجواهر على ما أفاده الكاشاني بقوله: "لعلّ سوء التّعبير من الرّواة وأمّا نفس الحكم فإنّ الله لا يستحي من الحقّ".

وكيف كان فالرّواية وإن كانت ضعيفة السّند ومن المحتمل قويًا صدورها من طرق العامّة إلا أنّ الكثير من مضامينها مطابق لما ورد في الرّوايات الواردة من طرقنا عن أهل البيت (ع).

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور