الفرق بين كثير الشك والوسواسي


المسألة:

ما الفرق بين كثير الشك والوسواسي تعريفاً وحكماً؟

الجواب:

كثير الشك هو من يتكرر شكه على غير ما هو متعارف بين العقلاء من الناس، فإذا بلغ شك المكلف في أفعال أو ركعات أو شروط الصلاة حداً يصدق عليه عرفاً أنه كثير الشك فذلك هو الذي تترتب عليه أحكام كثير الشك، فالضابط في تحديد مفهوم كثرة الشك هو الصدق العرفي، وذلك يتضح بواسطة مقارنة المكلف الشاك بغيره من سائر المكلفين، فإن كان شكه على غير ما هو متعارف بينهم فهو كثير الشك، ومن مصاديق كثرة الشك كما ورد في صحيحة محمد بن أبي حمزة عن الصادق (ع) هو من يشك مرة كل ثلاث صلوات متواليات كأن يشك في صلاة الفجر ثم يشك في صلاة المغرب ثم في صلاة الظهر من اليوم الثاني وهكذا.

وأما الوسواسي فهو من يكثر شكه بمستوىً يخرجه عن سمت الأسوياء من الناس "فكلما أعاد شك" كما ورد في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم، وذلك يعبّر عن خلل في مداركه أو استحكام الشيطان من قلبه فلا يكاد يتثبَّت من شيء في صلاته مثلاً ولا قدرة له على استجماع حواسه لإحراز ما صدر عنه من أفعال، فهو ابتلاء ينشأ إما من ضعف الحواس والمدارك العقلية أو عن التوجس والخوف من الوقوع في الخطأ وهو ما قد ينتج اعتبار الوهم شكاً ثم يستفحل ذلك في النفس ويستشري فيها فتصغي لكل خاطرة وهاجس.

هذا فيما يتصل ببيان الفرق بين كثير الشك والوسواسي من حيث الموضوع، وأمّا فيما يتصل بالفرق بينهما في الحكم فهو أن كثير الشك وظيفته البناء على وقوع المشكوك سواء كان الشك في الركعات أو الأفعال أو الشرائط إلا إذا كان البناء على وقوع المشكوك مقتضياً لفساد الصلاة.

مثلاً لو شك كثير الشك أنه صلى ثلاثاً أو أربع ركعات. فإن كان ذلك في الصلوات الرباعية فوظيفته البناء على الأربع، أما لو كان شكه في صلاة المغرب فوظيفته البناء على الثلاث.

وهكذا لو شك أنه سجد مرة أو مرتين فإن وظيفة البناء على الأكثر، أما لو شك بين السجدتين والثلاث فإن وظيفته البناء على السجدتين، ولو شك أنه كان مطمئناً حال القراءة مثلاً أو لا فوظيفته البناء على وقوع الاطمئنان، وأما الوسواسي فوظيفته لاتختلف عن كثير الشك والفرق إنما هو من جهة أن الوسواسي وظيفته ذلك في كل العبادات التي هو مبتلٍ فيها بالوسواس وأمّا كثير الشك فحكمه مختص بالصلاة.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور