السارق الذي قطع الإمام يده
المسألة:
في الرواية أن الأمير (ع) سأل السارق يا أسود هل سرقت؟ فلماذا الأمير يناديه بالأسود؟ لماذا لم يناديه بإسمه؟ أليس من العيب أن ننادي أحد بلون بشرته فكأننا نعيره؟
الجواب:
روي عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت في بعض الأيام على أمير المؤمنين (ع) في جامع الكوفة، وإذا بجم غفير ومعهم عبد أسود، فقالوا: يا أمير المؤمنين هذا العبد سارق. فقال له الإمام (ع): أسارق أنت يا غلام؟ فقال له: نعم. فقال له مرة ثانية: أسارق أنت يا غلام؟ فقال له: نعم يا مولاي. فقال له الإمام (ع): إن قلتها ثالثة قطعت يمينك. فقال له: أسارق أنت يا غلام؟ قال: نعم يا مولاي (1).
أورد هذه الرواية القطب الراوندي في كتابه الخرائج وكذلك أوردها ابن جرير الطبري الشيعي في نوادر المعجزات ولم يرد فيها انَّ الإمام قال للسارق: يا أسود وانَّما خاطبه بقوله (ع): (أسارق أنت يا غلام؟) فحينما أقرَّ خاطبه في المرة الثانية والثالثة بنفس الخطاب (أسارق أنت يا غلام)؟ وأمَّا ما يتناقله البعض من أنَّ الإمام (ع) قال للسارق (يا أسود، سرقت؟) فهو منقول في مصادر متأخرة، فلعلَّها نَقلت الرواية المذكورة عن المصدرين المذكورين أو غيرهما بالمعنى، لذلك فمن غير المحرز انَّ الإمام (ع) خاطب السارق بقوله (يا أسود) بل من المحرز انَّ الإمام (ع) لم يُخاطب السارق بذلك لِما هو معلوم من مكارم أخلاق الإمام (ع) خصوصاً وانَّ المنقول في هذه النقولات انَّ الإمام خاطبه بالأسود قبل انْ تثبت عليه السرقة، وذلك مستبعدٌ جداً، نعم لو كانت مخاطبته له بذلك بعد ثبوت السرقة في حقَّه لأمكن القول بأنَّه خاطبه بذلك توبيخاً إلا انَّ الأمر لم يكن كذلك.
إلا انْ يقال انَّ السرقة قد ثبتت في حقه بشهادة الشهود قبل انْ يُقرَّ هو على نفسه وانَّما سأله الإمام (ع) عن انَّه سرق أم لا لغرض إدانته من لسانه، فلو كان الأمر كذلك فانَّ توصيف الإمام له بالأسود يكون لغرض التوبيخ لانَّه مستحق لذلك نظراً لاعتدائه على أموال الناس وتجاوزه لحدٍّ من حدود الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- نوادر المعجزات -محمد بن جرير الطبري (الشيعي)- ص 60.