جواز الأكل من الأضحية
المسألة:
هل يجوز الأكل من الأضحية؟ وهل يُشرَع فيها التثليث كما هو في الهدي؟
الجواب:
نعم يجوز لصاحب الأضحية أكلُ شيءٍ منها، ويُستدلُّ لذلك بمعتبرة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) وكان علي (ع) يقول ضحِّ بثنيٍّ فصاعداً، واشتره سليم الاذنين والعينين .. ثم كل وأطعم"(1) والأمر بالأكل وإن استفاد منه بعض الفقهاء استحباب الأكل من الأُضحية إلا أنَّ الأرجح عدم ظهوره في أكثر من الجواز، وذلك لأنَّ الأمر بالأكل وارد في سياق توهُّم الحظر ولعلَّه لذلك نُسب إلى الشيخ الطوسي رحمه الله أن الصدقة بجميع الأضحية أفضل.
وأما مشروعيَّة التثليث فهو مذهب الأصحاب كما أفاد صاحب الحدائق رحمه الله وأفاد أنَّه يستحبُّ تقسيم الأضحية أثلاثاً فيأكل ثلثاً ويتصدق بثلثٍ ويُهدي للمؤمنين ثلثاً.
واستند بعضُهم في ذلك الى ما رواه الكافي بسنده عن أبي الصباح الكناني قال : سألتُ أبا عبد الله (ع) عن لحوم الأضاحي، فقال: كان عليُّ بن الحسين وأبو جعفر (ع) يتصدقان بثلثٍ على جيرانهم وثلثٍ على السؤَّال وثلثٍ يُمسكونه لأهل البيت"(2).
ودلالتها على الدعوى يبتني على استظهار إرادة الهدية من الصدقة على الجيران لأن الجيران فيهم الفقير وغير الفقير وذلك قرينة على أنَّ ما يُعطيانه للجيران كان بعنوان الهدية إلا نَّه يمكن دعوى انعكاس القرينة بأن يُقال إنَّ التعبير عن إعطاء الجيران بالصدقة قرينة على إرادة فقراء الجيران، فالرواية على أحسن التقادير ليست ظاهرة في أنَّ الثلث الأول يكون هديةً للمؤمنين فلا تصلح الرواية للاستدلال بها على استحباب التثليث بالمعنى المذكور.
نعم هي ظاهرة في استحباب جعل ثلثٍ من الأضحية للأهل لأنَّ استمرار الأمامين (ع) المستظهر من قوله: "كان عليُّ بن الحسين وأبو جعفر .."، يدلُّ على رجحان الفعل إلا أن ذلك إنما يثبت لو كانت الرواية معتبرة سنداً وهي ليست كذلك، ولهذا فالأولى التصدُّق بجميع الأضحية لأن المستفاد من لحن الروايات الآمرة بذبح الأضحية أن مصرفها الأولي هم المساكين والفقراء.
نعم لا بأس من استبقاء شيءٍ منها للنفس والأهل برجاء المطلوبية.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 14 ص 207.
2- الكافي -الشيخ الكليني- ج 4 ص 499.