كراهة اختيار ملاذ الاطعمة عند زيارة الحسين (ع)


المسألة:

سمعت من أحد العلماء يروي عن الإمام الصادق (ع) رواية مفادها أن الإمام يلوم زوار الحسين (ع) الذين يحسنون المآكل والمشارب ويطيبون الموائد عند زيارتهم للحسين (ع) ويجتهدون في تحصيل ألذ الطعام والشراب وينصحهم الإمام (ع) بترك ذلك والإقتصار على اللبن والخبز، فهل حقاً يكره ذلك؟

الجواب:

نعم وردت روايات عديدة يظهر منها مرجوحيَّة التنوُّق في الاطعمة لمَن قصد زيارة الامام الحسين (ع) في كربلاء.

منها: ما رواه في كامل الزيارات بسنده عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا قال: قال أبو عبدالله (ع) بلغني انَّ قوماً اذا زاروا الحسين (ع) حملوا معهم السِفَر فيها الحلاوة والأخبصة وأشباهها, ولو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا"(1).

ومنها: ما رواه بسنده عن الصالح بن السندي عن رجل يقال له ابو المضا قال: قال لي أبو عبد الله (ع) تأتون قبر أبي عبد الله (ع)، قلتُ: نعم، قال: أفتتخذون لذلك سِفراً، قلت: نعم، فقال: أما لو أتيتم قبور آبائكم و أمهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: ايَّ شئ نأكل، قال: الخبز واللبن(2).

ومنها: ما رواه بسنده عن المفضل قال: قال أبو عبد الله (ع): تزورون خير من أن لا تزورون، ولا تزورون خير من أن تزوروا، قال: قلت: قطعت ظهري، قال(ع): تالله، إنَّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيبا حزينا وتأتونه أنتم بالسفر، كلا حتى تأتونه شعثاً غبراً (3).

فمثل هذه الروايات ظاهرة في كراهة تخيُّر ما يُستطاب من الاطعمة والتزُّود بها عند قصد زيارة الامام الحسين (ع) في كربلاء، نعم لا يظهر من رواية أبي المضا كراهة أكل غير الخبز واللبن فإنَّ من غير المحتمل وجود خصوصية تعبدية لهذين الصنفين من الطعام، فالظاهر من الرواية انَّه لا ينبغي لزوار الحسين (ع) في كربلاء اختيار الاطعمة التى تهفو إليها النفوس وتبتهج عند تناولها فإن ذلك منافٍ لما ينبغي ان يكون عليه زوار الحسين (ع) من استشعار الحزن والمواساة لسيد الشهداء (ع).

فقد ورد عن ابي عبدالله الصادق (ع) فال: إذا أردتَ زيارة الحسين (ع) فزره وأنت كئيب حزين مكروب، شعث مغبر، جائع عطشان، فاّن الحسين قُتل حزينا مكروبا شعثاً مغبراً جائعاً عطشاناً، وسله الحوائج، وانصرف عنه ولا تتخذه وطنا"(4).

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 14 ص 541.

2- كامل الزيارات -جعفر بن محمد بن قولويه- ص 249.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 11 ص 422.

4- كامل الزيارات -جعفر بن محمد بن قولويه- ص 252.