مستنَد قاعدة (لا نجاسة بين يابسين)


المسألة:

المعروف أنَّ ملاقى النجس أو المتنجس لا ينفعل بالنجاسة إذا كان كلٌّ من الملاقي والنجس أو المتنجس يابسين، فما هو مدرك هذه القاعدة أعني "لا نجاسة بين يابسين" ولماذا ينفعل الملاقي بالنجاسة إذا كان أحدهما رطبًا ولا ينفعل بها إذا كان كلاهما يابسًا؟

الجواب:

المدرك لهذه القاعدة مضافًا إلى ما هو مرتكز عرفًا من عدم تأثر وانفعال الشيء الجاف إذا لاقى شيئًا نجسًا جافَّاً مثله وأن الانفعال والتأثر لا يتحقق إلا حينما يكون أحدهما رطبًا فإنَّه مضافًا إلى ذلك فقد وردت روايات عن أهل البيت (ع) صرَّحت بعدم انفعال الملاقي للنجاسة إذا كان كل منهما يابسًا.

وبتعبير آخر: فإنْ الروايات التي دلَّت على انفعال الملاقي للنجس بالنجاسة منصرفة بحسب المتفاهم العرفي إلى فرض رطوبة الملاقي للنجس أو رطوبة النجس أو رطوبتهما معًا ومنشأ هذا الانصراف هو المرتكز عرفًا من عدم التأثر والانفعال في فرض يبوسة المتلاقيين.

وبناءًا على ذلك لابدَّ من رفع اليد عمَّا يظهر بدواً من إطلاق بعض الروايات الآمرة بتطهير الملاقي للنجس لمجرَّد الملاقاة وحملها على إرادة فرض الرطوبة في أحد المتلاقيين.

فإنه بناء على تمامية الانصراف الناشئ عن الارتكاز العرفي يكون بمثابة القرينة اللبِّية المانعة عن انعقاد الظهور في الإطلاق لهذه الروايات أو يكون الارتكاز المذكور صالح للقرنية وهو يمنع عن انعقاد الظهور في الإطلاق أيضًا.

فقول الإمام الصادق (ع) في معتبرة محمد بن مسلم بعد أن سأله عن الكلب السلوقي، فقوله (ع): "إذا مسسته فاغسل يدك" وإن كان ظاهرًا بدوًا في الإطلاق وأنَّ الانفعال يحصل لمجرَّد الملامسة للكلب إلا أن هذا الإطلاق لا ينعقد له ظهور حين الالتفات إلى ما هو المتفاهم العرفي من هذا الخطاب.

ولو لم تُقبل دعوى الانصراف الناشئة عن الارتكاز العرفي ففي الروايات المصرَّحة بأن (كلَّ يابس زكي) كفاية إذ لا مجال معها للتمسك بمثل إطلاق معتبرة محمد بن مسلم.

وكذلك ما ورد عن أبي جعفر (ع) حين سُئِلَ عن إصابة الثوب للعذرة، فقال (ع): "أليس هي يابسة؟ فقال: بلى، فقال (ع): لا بأس".

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور