نسبة الآيات الحاكية للأقوال لله تعالى
المسألة:
كيف لنا ان ننسب الكلام الى الله في القرآن الكريم مع ان القرآن يقول قد قال فلان مثلاً في سورة يوسف يقول القرآن: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ﴾ إذن هذا الكلام قول يوسف، و ليس قول الله سبحانه وكذلك يقول القرآن: ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾ وغيرها الكثير من الايات في القرآن الكريم فهل هذا كلام الله نفسه سبحانه او انه قول غيره وهو فقط نقله الينا؟ وإذا كان الثاني فهذا يعني انه يجوز لنا ننسب بعض آيات القرآن الى غيره؟
أرجوا توضيح المسألة ببعض التفاصيل والأمثلة.
الجواب:
المصحِّح لنسبة الآيات الحاكية لأقوال بعض الأنبياء وغيرهم لله عز وجل هو انَّ هذه الآيات مصوغة من قبل الله تعالى، فهي قول الله تعالى بمعنى انَّ نظمها وصياغتها اللفظية كانت من عند الله جل وعلا وقد إكتسبت لذلك الصبغة الإعجازية أي انَّه لا يسع من أحدٍ الإتيان بمثلها في نظمها وصياغتها.
فالآيات الحاكية لأقوال الأنبياء أو غيرهم كأقوال فرعون أو إبليس يصحُّ نسبتها لله تعالى بلحاظ نظمها ويصحُّ نسبتها لقائلها بلحاظ مضمونها ومعناها، نعم في مقام نسبة الآيات الحاكية لأقوال الأنبياء أو غيرهم لله تعالى يلزم الإشارة إلى أن الآية كانت في مقام النقل والحكاية إذا كان في عدم الإشارة مظنة التوهُّم لإنتساب مضمون الآية لله تعالى، فيقال مثلاً قال الله تعالى على لسان أهل الكتاب: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ أو قال تعالى على لسان فرعون: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ أما إذا كانت الآية أو الفقرة المنقولة من الآية مشتملة على ما يدل على انها بصدد الحكاية لقول قائل فلا مانع من تصديرها بمثل قال الله تعالى دون الحاجة إلى الإشارة لإسم صاحب القول، ومثال ذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ فإن نسبة هذا القول لله تعالى بلحاظ النظم والصياغة ونسبته لليهود والنصارى بلحاظ المضمون.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور